إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
110421 مشاهدة
اختلاف العلماء في مقر الأرواح

...............................................................................


وقد اختلف العلماء وغيرهم في مقر الأرواح في هذه الدنيا, إذا قيل: إن الأرواح بعد خروجها من الأجساد موجودة لم تَفْنَ، فأين مقر الأرواح؟ وأوردوا في ذلك كلاما كثيرا, ورؤى وحلوما وآثارا, وكلها ظنية. فمنهم مَنْ يقول: إن أرواح الكفار في بئر برهوت بئر يقولون: إنها في بلاد حضرموت تجمع فيها أرواح الكفار كلهم, كلما خرجت روح ذهبت إلى تلك البلد, أي: إلى تلك البئر.
هكذا ذُكِرَ في كثير من الآثار، ولكن لم يكن هناك ما يُعْتَمُد عليه إلا مجرد أحلام، ومعلوم أن الأرواح التي تقبض في الساعة الواحدة في الدنيا كلها أرواح الكفار قد تكون ألوفا وألوف الألوف وأن الأرواح لا بد أنها تتميز.
ثم قالوا: إن أرواح المؤمنين مقرها بئر زمزم يعني: أنها تستقر في تلك البئر, معلوم أيضا أن البئر محصورة, وأنها لا تتسع لهذه الأرواح مع كثرتها.
ولكن الجواب أن نقول: الله أعلم أين مستقرها, سواء قيل: إنها في الدنيا, أو أن هذه في النار, وهذه في الجنة, أو أن هذه في الهواء، وهذه في السماء, أو ما أشبه ذلك. ورد أيضا أن الأرواح تتعارف في البرزخ، وأنه إذا قبضت روح الإنسان ثم عرضت على أرواح الآخرين تعارفوا، فأرواح المؤمنين تجتمع فيسألون مَنْ جاءهم: أين فلان؟ ما فعل فلان؟
فإذا قال: إنه قد مات -وهم الأرواح المؤمنة- قالوا: ما جاءنا.. ذُهِبَ به إلى أمه الهاوية, فبئست الأم, وبئست المربية! ومعلوم أن الهاوية اسم من أسماء النار فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ فيفهم من هذا أن أرواح الكفار تلقى في النار كما يشاء الله، وأن أرواح المؤمنين تكون في الجنة أو في جنة في الدنيا، وكل ذلك من علم الغيب الذي لم يُطْلِعِ الله تعالى عليه بشرا.