شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
184991 مشاهدة print word pdf
line-top
اختلاف العلماء في مقر الأرواح

...............................................................................


وقد اختلف العلماء وغيرهم في مقر الأرواح في هذه الدنيا, إذا قيل: إن الأرواح بعد خروجها من الأجساد موجودة لم تَفْنَ، فأين مقر الأرواح؟ وأوردوا في ذلك كلاما كثيرا, ورؤى وحلوما وآثارا, وكلها ظنية. فمنهم مَنْ يقول: إن أرواح الكفار في بئر برهوت بئر يقولون: إنها في بلاد حضرموت تجمع فيها أرواح الكفار كلهم, كلما خرجت روح ذهبت إلى تلك البلد, أي: إلى تلك البئر.
هكذا ذُكِرَ في كثير من الآثار، ولكن لم يكن هناك ما يُعْتَمُد عليه إلا مجرد أحلام، ومعلوم أن الأرواح التي تقبض في الساعة الواحدة في الدنيا كلها أرواح الكفار قد تكون ألوفا وألوف الألوف وأن الأرواح لا بد أنها تتميز.
ثم قالوا: إن أرواح المؤمنين مقرها بئر زمزم يعني: أنها تستقر في تلك البئر, معلوم أيضا أن البئر محصورة, وأنها لا تتسع لهذه الأرواح مع كثرتها.
ولكن الجواب أن نقول: الله أعلم أين مستقرها, سواء قيل: إنها في الدنيا, أو أن هذه في النار, وهذه في الجنة, أو أن هذه في الهواء، وهذه في السماء, أو ما أشبه ذلك. ورد أيضا أن الأرواح تتعارف في البرزخ، وأنه إذا قبضت روح الإنسان ثم عرضت على أرواح الآخرين تعارفوا، فأرواح المؤمنين تجتمع فيسألون مَنْ جاءهم: أين فلان؟ ما فعل فلان؟
فإذا قال: إنه قد مات -وهم الأرواح المؤمنة- قالوا: ما جاءنا.. ذُهِبَ به إلى أمه الهاوية, فبئست الأم, وبئست المربية! ومعلوم أن الهاوية اسم من أسماء النار فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ فيفهم من هذا أن أرواح الكفار تلقى في النار كما يشاء الله، وأن أرواح المؤمنين تكون في الجنة أو في جنة في الدنيا، وكل ذلك من علم الغيب الذي لم يُطْلِعِ الله تعالى عليه بشرا.

line-bottom